الخميس، 15 سبتمبر 2011

التوقيت المناسب لتغيير اتفاقية محور فيلادلفيا لرفع العبء عن ميزانية الدولة المصرية



مبارك أدخل تعديلات علي اتفاقية كامب ديفيد
 تعفي إسرائيل من «11» مليار دولار سنويا 
وتحملتها الخزانة المصرية 
 "محور فيلادلفيا" أو "محور صلاح الدين" 
يحكي عن خلفيات دولية معظمها لا يزال سرا.. 
 مبارك. يساند القرارات الإسرائيلية
ويرفض نصائح الجيش المصري ليحمل مصر أعباء فوق طاقتها


لقد ورط الرئيس المخلوع حسني مبارك مصر علي امتداد أكثر من 30 عاما في سلسلة من الالتزامات التي لا تخدم في النهاية إلا أمن وحدود إسرائيل بينما جنودنا في حاجة لمضاعفة أعدادهم وربما هذا هو التوقيت المناسب لتغيير اتفاقية محور فيلادلفيا لرفع العبء عن ميزانية الدولة المصرية ولإعادة السيادة المصرية علي حدودنا الشمالية.
"ملحق أمني" جانبي اعترفت به الإدارة الأمريكية وأعلنته جزءا من معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979 ومبارك يعفي إسرائيل من 11 مليار دولار أمريكي سنويا أضافتها إسرائيل لميزانيتها للدفاع وفقدتها الخزانة المصرية ومعها المساعدات الأمريكية لمصر خطيئة جديدة تضاف لسجل النظام البائد ننفرد بكشفها في "روز اليوسف" حيث ارتكبها الرئيس المخلوع "محمد حسني مبارك" بالاشتراك مع "أرئيل شارون" رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق.
كان التعديل بالنسبة لشارون مصلحة استراتيجية ومالية وتحررا من أعباء قيمتها 11 مليار دولار أمريكي سنويا، أما مبارك فربما حان التوقيت لمحاكمته بتهمة الخيانة العظمي قبل أن يرحل دون عقاب.
ومستندات باللغة العربية والعبرية والإنجليزية لاتفاقيات دولية رسمية كشفت الحقيقة بداية من الليلة الواقعة بين الجمعة والسبت 10 سبتمبر 2005 فيها تفككت المعسكرات وتحركت طبقا لخطة عسكرية استراتيجية مدروسة وموضوعة مسبقا كل القوات والمعدات الإسرائيلية من داخل حدود قطاع غزة إلي داخل حدود إسرائيل.


تاريخيا ولد منه ما سمي بـ"محور فيلادلفيا" أو "محور صلاح الدين" يحكي عن خلفيات دولية معظمها لا يزال سرا
.. ففي 20 أغسطس 1993 وقع "شيمعون بيرس" عن إسرائيل و"محمود عباس" أبومازن عن السلطة الفلسطينية في العاصمة النرويجية أوسلو برعاية أمريكية تحت إدارة الرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" معاهدة سرية سميت فيما بعد بمعاهدة أوسلو الأولي وفي هذه المعاهدة التي لم تشارك فيها مصر وجدنا أول توصيف لمحور فيلادلفيا.
التزمت إسرائيل بالانسحاب من القري والمستوطنات الإسرائيلية التي كانت موجودة في داخل حدود قطاع غزة وفي الكنيست صوت نواب شعب إسرائيل علي أوسلو وكانت النتيجة الرسمية 61 صوتًا لصالح أوسلو بينما رفض 59 أوسلو بمعني أن نصف شعب إسرائيل رسميا رفض أوسلو لكننا شهدنا بعدها اتفاقية قطاع غزة وأريحا في 4 مايو بالقاهرة ثم في 29 أغسطس 1994 اتفاقية نقل السلطات ومولد ما سمي بالسلطة الفلسطينية.
ما يهمنا هو "محور فيلادلفيا"
واتفاقيته حيث ذكرت الوثائق الرسمية أنه شريط حدودي ضيق داخل أراضي قطاع غزة يمتد بطول 14 كيلو مترًا علي طول الحدود الدولية بين قطاع غزة ومصر ووفقا لأحكام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26 مارس 1979 تسيطر القوات الإسرائيلية وتحرس تلك المنطقة العازلة وبعد معاهدة أوسلو الأولي عام 1993 وافقت إسرائيل علي الإبقاء علي المحور بطول الحدود كشريط آمن حيث كان أحد الأغراض الرئيسية من المحور منع تهريب المواد غير المشروعة بأنواعها مع مكافحة الهجرة غير الشرعية وبالأساس تهريب السلاح.
في الأوراق الإسرائيلية معلومات ننقلها علي مسئولية مصدرها جاء فيها: اشترطت إسرائيل في معاهدة السلام مع مصر الموقعة في 1979 للانسحاب من شبه جزيرة سيناء أن تكون الحدود كما كانت فترة الانتداب البريطاني علي فلسطين وأن يكون منفذ الحدود الرئيسي في مدينة رفح واتفق علي أن تكون المنطقة (ج) القريبة من الحدود علي الجانبين منطقة منزوعة السلاح ليمتد المحور بطول 14 كيلو مترًا من البحر المتوسط وحتي معبر "كرم أبوسالم" ليشكل معبرا ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة لتقع المعابر كلها داخل المنطقة المنزوعة السلاح".
لابد أن نسرد من البداية حتي نكشف الحقيقة ففي 2004 أصدر الكنيست الإسرائيلي في جلسة اقتراع سرية للغاية قرارا من طرف واحد بالانسحاب من قطاع غزة للتنفيذ بشأن جميع المواطنين الإسرائيليين والقوات الإسرائيلية الموجودة داخل القطاع وهو القرار الذي نفذ في ليلة الجمعة 10 سبتمبر 2005 .
معا نقرأ الخطة الإسرائيلية كما ذكرت وسجلت في أوراق الجلسات الإسرائيلية السرية المحظور نشرها: "كان القرار بالانسحاب الكامل وفك الارتباط من جانب واحد لمصلحة إسرائيل، حيث إن الغرض الرسمي من الانسحاب هو تحرير إسرائيل من مسئوليات القطاع بما فيها المسئوليات الأمنية الباهظة التكاليف لتأمين محور صلاح الدين التي تبلغ سنويا ما يعادل 11 مليار دولار أمريكي بعدها طبقا للدراسات الأمنية والاستراتيجية ستنتشر الأنفاق وستزيد حركة تهريب السلاح وسيسيطر الإسلاميون المتشددون علي المحور".
في صباح 28 أغسطس 2005 وبعد مناقشات مطولة في إسرائيل رفضت المخابرات الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي الفلسطيني كل ما جاء في اتفاقية محور فيلادلفيا بشأن نقل مسئولياته إلي مصر ومع ذلك تم التوقيع في 31 أغسطس لتسمح إسرائيل بنشر عدد 750 جنديا حرس حدود مزودين بعدد 7 مدافع وطلقات أر بي جي و500 بندقية هجومية و67 رشاش خفيف و27 قاذفة خفيفة مضادة للأفراد وعدد واحد رادار أرضي واثنين بحريين من النوع قصير المدي وعدد 31 عربة مدرعة من نوع فهد خاصة بالشرطة و44 سيارة جيب للدعم اللوجستي وعدد 4 سفن دورية من نوع التمساح و3 طائرات عامودية غير هجومية لمراقبة ومسح المنطقة جوا وعدد 9 بنادق قناصة و94 مسدسًا.
إسرائيل في الاتفاقية أصرت علي ذكر جملة: "أن تلك التعديلات "ملحق أمني" ليس ضمن معاهدة السلام لعام 1979 وحاولت مصر السعي انطلاقا من تلك الاتفاقية لإعادة تسليح سيناء وسعي الجيش بقوة لذلك ووقف وراء تلك النية المشير "محمد حسين طنطاوي" الذي ناشد مبارك أن يساعد الجيش لتحقيق ذلك حتي يتمكنوا مستقبلا من تعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل غير أن المستندات كلها بلا مبالغة تثبت أن مبارك كانت له عقلية غريبة تعمل ضد كل ما هو مصري.. فضرب بمناشدة المشير عرض الحائط وكان هو الرئيس وقتها.
اتفاقية مكونة من 83 بندًا عندما تقرؤها تجد أن رئيس الدولة يساند القرارات الإسرائيلية ويرفض نصائح الجيش المصري ليحمل مصر أعباء فوق طاقتها ويجعل الخزانة المصرية المثقلة أساسا تدفع الثمن الباهظ عن إسرائيل بينما الشرطة والجيش المصري هم من دفعوا الأرواح والشهداء ولا يزالون بسبب ما فعله مبارك
في إسرائيل قدم عدد كبير من نواب الشعب الإسرائيلي دعوي قضائية ضد الاتفاقية وطالبوا بضرورة طرحها للتصويت علي الكنيست فتم تحويلها للمحكمة الإسرائيلية العليا التي قضت بحيثيات الحكم في 6 يوليو 2005 بسريان الاتفاقية بسبب المصلحة القومية العليا التي تحققها لدولة إسرائيل مع عدم إلزام الحكومة الإسرائيلية بتمرير الاتفاقية علي الكنيست للتصويت عليها.
وهكذا تملصت إسرائيل من كل ما عليها من مسئوليات دولية كدولة احتلال عن قطاع غزة بينما ألقت إسرائيل بالعبء كله علي عاتق ميزانية الشعب المصري بينما ترك الشعب الفلسطيني المحتل لمصيره.
هنا كان يجب أن نذهب للمستندات الأمريكية لنفهم المسألة من وجهة نظر مختلفة لنفاجأ بحقائق صادمة فلقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية محور فيلادلفيا بين مصر وإسرائيل "ملحق أمني" رسميا وجزءًا لا يتجزأ من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ونفاجأ بالتأكيد الرسمي علي ذلك، حيث سجلت جميع الوثائق والمستندات التي قمنا بالاطلاع عليها أن تنفيذ البنود الـ83 للاتفاقية يخضع للإشراف الكامل واليومي لقوات حفظ السلام المتعددة الجنسيات التي تراقب أصلا تنفيذ بنود السلام بين مصر وإسرائيل وهي القوات التي لها الحق الكامل في التفتيش علي الأرض طبقا لمعاهدة السلام وهو أمر غير سري وغير محظور لأنه مثبت ومكتوب ومنشور أيضا في داخل بنود معاهدة السلام.
ربما كان لابد أن نبحث بصدق عن حجم النفقات التي تحملتها مصر بسبب قرار حسني مبارك بالتوقيع علي تلك الاتفاقية لنفاجأ أن إسرائيل طبقا للأرقام الرسمية المسجلة قد وفرت علي خزانتها سنويا مبلغ قدر في عام 2005 بـ11 مليار دولار أمريكي وبحساب مبسط وبمعلومات مؤكدة ذكرت في معظم تقارير أجهزة المخابرات الوطنية.. فإن مبارك كأنه أصدر القرار الضمني بزيادة ميزانية الجيش الإسرائيلي بواقع 11 مليار دولار أمريكي.
بتقدير أبسط يمكننا باطمئنان أن نستخلص أن إجمالي حجم المساعدات الأمريكية إلي مصر سنويا بناء علي اتفاقية السلام التي تقدر بحوالي 2.5 مليار دولار أمريكي قد تآكلت تماما بينما تحملت الخزانة العامة المصرية الباقي عن إسرائيل.
من هنا ربما يمكن أن نعرف لماذا يهدد الساسة في بعض الأحيان بالاستغناء عما يسمي بالمساعدات الأمريكية لمصر لأن مصر أساسا لا تستفيد بسبب ما فعله مبارك في تلك المساعدات.
اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل منعت تواجد قوات مصرية هجومية بشكل تام في المنطقة العازلة المسماة بالمنطقة (ج) علي طول الحدود المصرية الإسرائيلية الشمالية التي تقدر في مجملها بـ33 كيلو مترًا.
عرضي منها 14 كيلو هي طول الحدود المصرية مع محور فيلادلفيا الذي يكلف مصر حاليا تكاليف عملاقة لبناء جدار أمني عازل من الفولاذ يبلغ ارتفاعه طولا 10 أمتار بينما يبلغ مدي عمقه 35 مترًا والغريب أن مبارك كان قد كلف "أحمد عز" رجل الأعمال المسجون احتياطيا حاليا علي ذمة عدد من القضايا ببناء الجدار العازل بيننا وبين قطاع غزة.. كأن قدر عز التاريخي شاء أن يسجل له بناء جدارين لحساب إسرائيل أولهما كان الجدار العازل الأم وكان الثاني جدار الحدود علي طول محور فيلادلفيا.
ونكتشف من واقع باقي البنود الـ83 عدم أحقية القوات المصرية المنتشرة علي المحور في بناء تحصينات تحميهم من خطر القتل والإصابة من الجانب الآخر للحدود.
بند جانبي آخر ذكر أنه: يخضع هذا الاتفاق لبنود اتفاقيات المعابر الإسرائيلية الفلسطينية وهو ما يعني سياسيا ودوليا إذا أغلقت إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني وجب علي مصر غلق الحدود من الجانب المصري وهو ما يجعل السياسة المصرية فريسة القيل والقال واتهام للقاهرة صريح بأنها تطبق الحصار علي قطاع غزة بينما توقيع مبارك هو السبب.
في 16 يوليو 2007 بعد انفصال حماس بقطاع غزة الذي حدث في يونيو من نفس العام أدخلت إسرائيل ومبارك للمرة الثانية سرا تعديلا علي الاتفاقية فسمحت إسرائيل بزيادة أعداد القوات المصرية إلي 1500 بدلا من 750 من أجل توفير حماية أكبر للحدود الإسرائيلية.
لقد أصرت "إسرائيل" علي توصيف اتفاق فيلادلفيا بأنه "ملحق أمني" غير متصل باتفاقيات كامب ديفيد غير أنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها وذلك تمهيدا لتعريض مصر للعقوبات الآتية كما جاء في الاتفاقية الأم لمعاهدة السلام: " للولايات المتحدة حق اتخاذ ما تعتبره ملائما من إجراءات في حالة حدوث انتهاك لمعاهدة السلام أو تهديد بالانتهاك بما في ذلك الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية ضد المتجاوز من الطرفين".
كما مكنت الاتفاقية إسرائيل بالتمتع بأن:تقدم الولايات المتحدة ما تراه لازما من مساندة لما تقوم به إسرائيل من أعمال لمواجهة مثل هذه الانتهاكات خاصة إذا ما تهدد أمن إسرائيل".

لقد ورط الرئيس المخلوع حسني مبارك مصر علي امتداد أكثر من 30 عاما في سلسلة من الالتزامات التي لا تخدم في النهاية إلا أمن وحدود إسرائيل بينما جنودنا في حاجة لمضاعفة أعدادهم وربما هذا هو التوقيت المناسب لتغيير اتفاقية محور فيلادلفيا لرفع العبء عن ميزانية الدولة المصرية ولإعادة السيادة المصرية علي حدودنا الشمالية.

ليست هناك تعليقات: