الأربعاء، 28 مارس 2012

العسكر والأخوان . بدأ اللعب على المكشوف وهذا فراق بينى وبينك ؛؛


اللعــب على المكشـــوف 
إصرار من الإسلاميين على إعادة إنتاج شعارهم القديم 
 «القرآن دستورنا والموت فى سبيل الله أحلى أمانينا».


فى كل المراحل التى أعقبت قيام الثورة وسقوط حكم مبارك، أمكن للقوى السياسية والشعبية على اختلافها، أن تحقق درجة من التوافق حول العديد من المشكلات التى واجهت مسار ما بعد الثورة.. بالرغم مما شهدته البلاد من مليونيات واعتصامات وصدامات دامية. ولكنها هيأت المجال خلال هذه الفترة، لكى تتشكل قوى سياسية وأحزاب جديدة، بقدر ما كانت فرصة للكشف عن القوى الكامنة وبروزها إلى السطح، وفى مقدمتها التيارات الإسلامية ممثلة فى حزب الحرية والعدالة الناطق بلسان الإخوان المسلمين، وحزب النور السلفى المعبر عن كتلة السلفيين.
 وقد حاول المجلس العسكرى الذى تحمل المسئولية فى أعقاب تنحى النظام السابق وإسقاط رءوسه، أن يلعب دور الحكم حينا، ودور الحاكم فى إدارة شئون البلاد معظم الأحيان. وأخطأ وأصاب.. وقد كان من الممكن أن تواصل السفينة إبحارها فى أجواء سياسية متلاطمة فى الداخل والخارج، لو أن جميع الأطراف تمسكت بمبدأ التوافق والحلول الوسط، ولم يسع فريق إلى فرض إرادته على فريق آخر، مع أخذ موقف الأغلبية فى الاعتبار دون أن يتحول رأيها إلى سلاح باتر يقطع أطراف الحقيقة، أو يتعامى عن حقوق الأقلية. ولكن التمسك بالدعوة والعناد دفاعا عما يعتبره البعض «الحق»، قد يكون أمرا غير مذموم بحد ذاته، بشرط ألا يتحول إلى ديكتاتورية فى الممارسة اليومية فى مجال السياسة التى تتعدد فيها الآراء والمذاهب. وقد ظلت هذه هى المعادلة التى حكمت العلاقة بين الأغلبية ممثلة فى الحرية والعدالة وحزب النور من ناحية، وبين سائر الأحزاب والقوى الليبرالية واليسارية من ناحية أخرى. والتى حرص الجميع على أن تكون جزءا من النسيج السياسى الذى يحمى التعددية ويدافع عن اختلاف الرأى. ولا يجعل هيمنة الأغلبية طريقا إلى قيام الحزب الواحد والزعيم الواحد والرأى الواحد! وهذا ما نراه يوشك أن يحدث الآن فى أزمة الدستور.. وقد بدا وكأن صياغة الدستور هى القشة التى قصمت ظهر البعير، وقلبت المعادلة التوافقية التى قامت على الحوار والحلول الوسط والتى سار عليها الإخوان والنور فى علاقتهما بالقوى السياسية الأخرى حتى الآن.
 إذ يبدو وكأن ثمة إصرارا جازما من الإسلاميين على إعادة إنتاج شعارهم القديم «القرآن دستورنا والموت فى سبيل الله أحلى أمانينا».. ومن ثم فقد كان ضروريا فى تخطيطهم أن تتحول هيمنة الأغلبية فى الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور إلى آلية لوضع الشعار موضع التنفيذ الفعلى. وبينما جاءت ردود فعل الأحزاب والقوى الليبرالية واليسارية متأخرة فى فعلها ومفعولها، فبدأت أخيرا بالانسحاب من لجنة المائة وآثر البعض أن يمسك العصا من الوسط ممن وصفوا بأنهم محسوبون على التيار المدنى ولكنهم قريبون من التيار الإسلامى، استنادا إلى منطق أنهم لا يريدون أن يخونوا ثقة ناخبيهم للمشاركة فى وضع الدستور، ويحتفظون لأنفسهم بحق الانسحاب إذا اتضح أن مشاركتهم ليست مؤثرة .. فقد واجه المجلس العسكرى ما اعتبره انحرافا بسبب هيمنة الإسلاميين على وضع الدستور، رغم تحذيرات رجال القانون وفقهاء الدستور. ودخلت الأزمة منعطفا خطيرا وبدأ اللعب على المكشوف، حين شن حزب الحرية والعدالة هجوما حادا على المجلس العسكرى نظرا لتمسكه بحكومة الجنزورى ورفض تغييرها استجابة لحزب الأغلبية.
وهو ما وصفه بيان الإخوان بأنه عرقلة للتحول الديمقراطى، واستمرار للآثار السلبية من بقاء هذه الحكومة. ولم يخل رد المجلس العسكرى الذى جاء سريعا وحاسما، من التهديد بأنه لن يتوانى عن اتخاذ أية إجراءات فى مصلحة الوطن. وعبر عن استيائه من التشكيك فى استقلالية المحكمة الدستورية العليا وما ينطوى عليه من إساءة للقضاء المصرى.
 ولعل أخطر ما جاء فى بيان المجلس العسكرى بما يدل على أن الأزمة بلغت بين الطرفين مرحلة «هذا فراق بينى وبينك» ذلك التلميح القوى إلى تجربة الإخوان المسلمين مع عبدالناصر وتحذيرهم من تكرار الأخطاء. المؤكد أن انفجار أزمة اللجنة التأسيسية للدستور واتهام الأغلبية الإسلامية باحتكارها لتشكيل اللجنة قد نبشت بئرا للثعابين، فتح الطريق أمام احتمالات عديدة ربما عرضت مصير مجلس الشعب نفسه للطعن أو للحل. وفى تقديرى أن الخاسر الأكبر هو التجربة الديمقراطية، والأغلبية التى حازت ثقة الشعب والذين آمنوا بالثورة طريقا إلى الحرية والعيش الكريم والعدالة.


ليست هناك تعليقات: